كيف تم إنهاء الاستعمار الإسباني للصحراء

 

كيف تم إنهاء الاستعمار  الإسباني للصحراء


في  المقابلة التالية المقتطفة من كتاب د.هشام لحصيني بعنوان" مفاوضات مدريد الثلاثية لسنة 1975: الخلفية والسلوك التفاوضي المغربي"، يكشف السيد أحمد عصمان وزير الخارجية المغربية الأسبق وصهر الراحل الحسن الثاني عن حقائق مثيرة حول نزاع الصحراء، وكيف أنها تحولت إلى إجماع داخلي، وكيف خطط الملك الراحل للمسيرة الخضراء، ولماذا اقحمت موريتانيا في مفاوضات مدريد الثلاثية لسنة 1975...

-   الباحث: كيف جاء قرار المسيرة الخضراء؟

-  السيد أحمد عصمان: اتخذ الحسن الثاني قرار إجراء المسيرة لوحده، ولم يجتمع مع حكومته، وغاب عن المجلس الوزاري طيلة شهر كامل، ثم اجتمع بنا ذات يوم ليعلمنا بقراره 18 أكتوبر 1975 (18 يوم قبل المسيرة)، وقد شكر الحسن الثاني المجلس لأنه مارس صلاحياته كاملة دون الرجوع إليه برئاستي (تحمل الحكومة المسؤولية كاملة).

-   الباحث: وهل كانت الغاية منها هي إنهاء الإحتلال الإسباني عبر الزحف. أم كانت لها غاية أخرى؟ كالضغط على إسبانيا للتفاوض مع المغرب مثلا؟.

-  السيد أحمد عصمان (مستطردا) : لقد قال لنا الحسن الثاني: "من لم يكن متفقا مع قرار المسيرة فليغادر القاعة، ومن كان موافقا فليبقى".

-   الباحث: توقفت المسيرة الخضراء بعد يومان، ما الذي استجد؟..

-  السيد أحمد عصمان: تم إجراء المسيرة بتنسيق واتصال مع جهات عدة، وفي مقدمتها إسبانيا، ولاسيما كبار ضباط الجيش الإسباني، كالجنرال " دوفيليسبين". وكذلك السياسيين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة "أریاس نافاروا"، هؤلاء كانوا مقتنعين بضرورة الاتفاق مع المغرب والجلاء عن الصحراء، باستثناء وزير الخارجية آنذاك السيد "كورتينا" والذي كان يفضل التنسيق والاتصال مع الجزائر، ومنذ انطلاق المسيرة كان لنا اتصال مع رئيس الحكومة الإسبانية.

-  الباحث: كيف تم الإعداد للمفاوضات؟. وكيف تم اختيار الوفد المغربي؟.

-  السيد أحمد عصمان: تالف الوفد المغربي للتفاوض من حوالي 5 أو 6 أفراد، ضم كل من:

*       أحمد عصمان، الوزير الأول.

*       أحمد العراقي، وزير الخارجية.

*       السيد العربي الخطابي.

*       السيد كريم العمراني.

*       السيد عبد السلام زنیند

- السيد أحمد عصمان: عندما ذهبنا للتفاوض كنا جد مرتاحين، عوملنا معاملة طيبة من طرف الإسبان وكنا نصول وتجول في المفاوضات وأينما ذهبنا. وكان المغرب قويا لدرجة أنه كان يفرض قراراته على باقي الأطراف.

- الباحث: لماذا تم اقحام موريتانيا واعتبارها طرفا ثالثا في مفاوضاتكم مع إسبانيا؟.

-  السيد أحمد عصمان: كان الهدف الأساسي هو ضمان عدم ميلها إلى محور الجزائر، وأنه كان ثمة اتفاق مسبق مع موريتانيا حول حدود مطالبها واستراتيجية التفاوض مع موريتانيا. ولسد الأقاويل التي تصف المغرب بالأطماع التوسعية في المنطقة. وإن ظهر أن موريتانيا قد اقتسمت مع المغرب مدينة الداخلة، فإن هذا كان مؤقتا فقط.

-  الباحث: يومان بعد المسيرة توقفت بعد وصول المبعوث الإسباني إلى أكادير؟.

-  السيد أحمد عصمان: لقد كانت هناك اتصالات سرية مسبقة منذ أن علم الإسبان بالمسيرة للتفاوض مع الحسن الثاني حول شروط انسحاب القوات الإسبانية من الصحراء.

-  الباحث : هل كان لكم علم بسقف سلة المفاوضات التي جاء بها المبعوث الإسباني قبل الذهاب إلى مدريد؟

-  السيد أحمد عصمان: اسمع ما جرى في 14 نونبر 1975 كان مجرد مفاوضات شكلية وبروتوكولات لأن الأمر كان مهيأ مسبقا وتم بين الحسن الثاني من جهة ورئيس الحكومة الإسبانية وضباط الجيش. من جهة أخرى، في الواقع ذهبنا لنوقع فقط، أما المفاوضات الحقيقية فقد كانت سرية توجت بلقاء 14 نونبر 1975. غير أن الإشكال الذي كان يواجهنا هو ضمان قبول "الجماعة الصحراوية" لمطالب المغرب، وتعهدها بتأييد مغربية الصحراء على الصعيد الداخلي، هل كان هناك إجماع عن قرار التفاوض مع إسبانيا؟.

-  السيد أحمد عصمان: بالفعل كان هناك إجماع داخلي منقطع النظير حول المسيرة الخضراء وحول أي وسيلة تمكن من استرجاع أقاليمنا المغتصبة. وتجلى ذلك بوضوح في مؤتمر عدم الانحياز في كولومبيا،  وما ذهب جميع الأحزاب السياسية المغربية، ودفاعها التام عن قضيتهم الأولى لدليل على الإجماع.

- الباحث: كيف جاء اختيار الوفد المغربي؟.

- السيد أحمد عصمان: كانت هناك مشاورات بيني وبين الحسن الثاني حول الأسماء المقترحة للتفاوض مع إسبانيا.

-   الباحث: لماذا تم اختيار مكان التفاوض في مدريد وليس في الرباط أو في مكان آخر؟

- السيد أحمد عصمان: كان تلبية لرغبة رئيس الحكومة الإسبانية، ليظهر للرأي العام الإسباني أن الحكومة الإسبانية هي من تسير أمور الصحراء كما تشاء، وأنها هي من تتحكم في الساحة. إضافة إلى العلاقات الممتازة التي كانت بين أرياس نافاروا والحسن الثاني. وعندما ذهبنا إلى إسبانيا اجتمعنا مرة واحدة في وزارة الخارجية الإسبانية، وكنا نجتمع في بيت موظفة عند وزير خارجية إسبانية السيد كورتينا بدون علم هذا الأخير.

- الباحث: من كان يتحدث مع الإسبان أثناء لقاءات التفاوض معهم؟

-  السيد أحمد عصمان: كنا نتكلم حسب التسلسل الوزير الأول، فوزير الخارجية، فالآخرين وكان اختيار الوفد المفاوض يعكس الأهمية التي أولاها صاحب الجلالة الحسن الثاني لهذا الملف.

-  الباحث: هل كان الاتفاق على المبدأ أي الصيغة (بشكل عام)؟. أم تم التفاوض على عدة تفاصيل أفضت إلى الصيغة النهائية؟. - السيد أحمد عصمان: كانت الصيغة النهائية مهيئة حول الأراضي الصحراوية، ولم نتناول التفاصيل والجزئيات.

-   الباحث: ما هو مقابل انسحاب الإسبان من الأراضي الصحراوية؟..

-  السيد أحمد عصمان: لم يكن هناك أي مقابل، ولم نذكر أبدا ورقة سبتة ومليلية وهذا لا يمنع من تلميح الحسن الثاني بهذه الورقة بين الفينة والأخرى..

-  الباحث: إذا كنا قد استرجعنا فعلا الصحراء بموجب اتفاقية مدريد فلماذا ظل الموقف الإسباني غامضا سلمنا الإدارة ولم نسلم السيادة للمغرب. وأن تصفية الاستعمار تتم بتعبير الشعب الصحراوي على تقرير مصيره)؟..

- السيد أحمد عصمان: الواقع أن إسبانيا كانت تمثل قوة حامية على الصحراء ومن ثم لا يحق لها أن تمتلك سيادتها.

-  الباحث: هل كان لديكم أوراق اعتماد للتفاوض والتوقيع معا؟..

- السيد أحمد عصمان: كانت هناك رسالة ملكية تحمل إذنا بالتفاوض باسم المغرب وتضم لائحة بأسماء الوفد المغربي وقد ذهبنا رفقة الوفد الموريتاني.

-  السيد أحمد عصمان: لا نشرت فقط في الجريدة الرسمية، بعدما أن صادق عليها الملك

-  الباحث: ما هو تقييمهم لهذه المفاوضات؟ أي ما هي المكاسب والإخفاقات؟.

- السيد أحمد عصمان: كانت نتائجها إيجابية للمغرب ومهمة. وأشار إلى تصريح (الحسن الثاني) كان هناك زيارات اسبانية للمغرب بشكل مكثف قبل لقاء مدريد وذهبنا إلى مدريد للتوقيع على الصيغة النهائية.

-   الباحث: إدخال...؟ - السيد أحمد عصمان (مستطردا): بل كانت سياسة حكيمة من جلالة الملك وفترة انتقالية، لأنه في أجل قريب استرجعنا منطقة الكويرة.1978 وهو أمر كان مخططا ومنذ 1974.

- الباحث: لوحظ في صياغة الاتفاقية عبارات فضفاضة ويمكن تأويلها بشتى الطرق، كل حسب رأيه؟. ولم يتم تحديد الجهة التي يمكن الإحالة عليها إن تعارض تأويل هذه الاتفاقية؟ "الجماعة". كما أنها كتبت بلغة واحدة فقط هي الإسبانية.

-   السيد أحمد عصمان : (تصال هاتفي .... توقف الحوار).


انشر تعليق

أحدث أقدم