كيفية قراءة القضية قراءة صحيحة


كيفية قراءة القضية قراءة صحيحة


   من الأمور الهامة أن يقوم المحامي بالاطلاع على ملف القضية من بدايته حتى نهايته حتى يقف على أحداث القضية ويعرف ملابساتها ووقائعها وأشخاصها والاتهامات الموجهة إليهم ، وأقوال الشهود . 

ويثور التساؤل عن طريقة القراءة ، هل تتم القراءة بتان من اول مرة أم بسرعة أم بتدوين بعض الملاحظات؟

والإجابة أنه لاتوجد طريقة محددة للقراءة ، كما أن طريقة قراءة القضية تختلف من شخص لآخر ومن قضية الأخرى . فالمهم أن يحيط من يقرأ القضية بكل دقائقها في النهاية ، وأن يعرف نقاط ضعفها وكذا نقاط قوتها وأن يلم بكل تفاصيلها .

ولكننا نفضل عندما يبدأ المحامي قراءة القضية أن يلقي نظرة سريعة على أحداث القضية ممسكا بيده الما ليخط به خطا تحت بعض العبارات أو يكتب ملاحظة عند بعض الفقرات ، فالقراءة الأولية هي قراءة استكشافية لمعرفة خفايا القضية ، ثم يعاود المحامي قراءة القضية بتأن وبتركيز شديدين ، واضعا علامة أو إشارة تحت بعض العبارات ويكتب أمامها أو بجوارها مايراه من مخالفة للقانون أو بطلان أو مايعن له تلوينه. وتبدأ قراءة القضية (بمتحضر الشرطة) ويتعين على المحامي وهو يقرأ هذا المحضر بالذات أن يدقق في عباراته وأن يدون التواريخ المثبتة به الأن قراءة محضر الضبط بعناية يكون في الغالبية العظمى من القضايا هو مفتاح أو بداية الطريق للبراءة .

وبنفس الدقة قراءة محضر التحريات بعناية شديدة ترجع إلى أن هذه التحريات قد تكون غير كافية لاستصدار أمر النيابة العامة بالقبض على المتهم وتفتيشه أو تفتيش مسكنه ،كما أن قراءة محضر الضبط بتعمق قد يكشف للمدافع العوار والبطلان الذي شاب إجراءات محرر هذا المحضر وتكون سبيلا وطريقا إلى البراءة .

فقد يثبت الضابط أن القبض على المتهم وتفتيشه إنما جاء نتيجة وجوده في حالة تلبس ثم يبين من عبارات المحضر وأقوال المتهم انتفاء حالة التلبس مما يترتب على ذلك بطلان القبض والتفتيش ومايترتب عليهما من آثار .

كذلك فإن قراءة محضر الضبط باهتمام قد يكشف أيضا أن القبض والتفتيش قدتم قبل الحصول على إذن النيابة العامة .وقد يكتشف المدافع من مفردات وسطور محضري التحريات والضبط التلاحق الزمني وسرعة القبض على المتهم (أي أن المدة الزمنية بين تحرير محضر التحريات والحصول على إذن النيابة العامة والقبض على المتهم قد تم في مدة متقاربة ممايكشف أن ضابط الواقعة إنما أراد أن يضفي على إجرائه المشروعية بحصوله على إذن بالقبض والتفتيش في حين أن المتهم كان في حوزته وسيطرته قبل صدور هذا الإذن ممايصم إجراءاته بالبطلان (ومن ثم يحصل المتهم على البراءة) ، ولاتقتصر القراءة على محضري التحريات ومحضر الضبط بل لابد من قراءة محضر تحقيقات النيابة العامة لأن هذا الحضر هو الذي تتضح منه في الغالب الأقوال الحقيقية للمتهم، وفيه أيضا يمكن أن يثبت التهم ماتعرض له من تعذيب كان من نتيجته أن اعترف بوقائع لم يرتكبها وبجرائم لم يقترفها ، وإنما اعترف بها لإنقاذ نفسه من آلام لا يستطيع تحملها ومن بطش لايقدر على مواجهته وفي محضر تحقيقات النيابة العامة يستطيع المتهم أن يقول كل ماعنده وهو مطمئن إلى أن كل أقواله تسجل وتثبت كما قالها لا تهديد ولا وعيد من قبل وكيل النيابة ، بل إن النيابة العامة تترك للمتهم مساحة كبيرة من الحرية  بكل مايعن له من اقوال ، وليدفع عن نفسه التهمة بكل الطرق .

ومن خلال القراءة الفاحصة لهذا المحضر يستطيع المحامي أن يقف على الحقيقة ويستطيع أن يدفع بدفوعه وأن يدلي بدفاعه ، فيستطيع أن يستند إلى إنكار المتهم للتهمة المسندة إليه وأن اعترافه إنما جاء نتيجة الإكراه الذي تعرض له ، وبالتالي فإن الحامي يجد المجال الخصب الاستنباط الحلول واستخراج الدفوع من خلال محضر تحقيقات النيابة العامة .

وكذلك من الأهمية بمكان : معرفة ظروف الحادثة ومكان وزمان ارتكابها وكيفية اكتشافها ومن الذي أبلغ عنها ، وهل تم القبض على المتهم في حالة تلبس ، وأي حالة من حالات التلبس كانت متوافرة نفس الحال يتعين على المحامي أن يولي اهتمامه بأقوال الشهود (سواء شهود الإثبات أم شهود النفي) ليستخلص من أقوالهم مايراه مفيدا لموكله .

ولا يفوتنا في هذا المقام أن ننبه إلى أهمية قراءة التقارير الطبية المودعة ضمن ملف القضية وكذلك الاطلاع على تقرير المعمل الكيماوي خاصة في قضايا المخدرات) فقد يرد في هذا التقرير مايبرئ المتهم كأن تأتي النتيجة سلبية ، أو كأن يثبت أن الكمية المضبوطة من قبل الضابط والتي أثبتها في محضره وحرر بها شهادة بالوزن تختلف تمام الاختلاف سواء في الوزن أو في الحجم. وقد يكون هناك تقرير طبي يثبت إصابات المتهم مما يدل على تعرضه لتعذيب وقد تكون مناظرة المجني عليه تختلف في وصفها عما ورد في قواله وكما ورد في التقرير الطبي مثل هذا التناقض قد يكون مفتاح البراءة التشكك الحكمة في الأدلة المتوافرة ضد المتهم. خلاصة القول إن قراءة ملف القضية قراءة فاحصة متعمقة هو أول الخطوات للإلمام بالقضية ومعرفة أدلتها وثغراتها ونقاط ضعفها وهي السبيل الأساسي للإعداد للمرافعة الجيدة .


انشر تعليق

أحدث أقدم