موقف المحكمة الأوروبية من العقوبات الاقتصادية

نعرض لكم في هذه الفقرة سلسلة من الاجتهادات القضائية المتنوعة والمتعددة جغرافيا وموضوعاتيا، فمن حيث مكان إصدارها سنبسط اجتهادات قضائية صادرة عن محاكم محلية وأخرى إقليمية ودولية، أما من حيث الموضوعات فسنتطرق لشتى مجالات الحياة الاجتماعية والأسرية والتجارية والإدارية والحقوقية والدولية الصادرة عن القضائين العام والخاص.
وتبقى الغاية المنشودة من هذه الفقرة هي الرفع من الوعي القانوني والحقوقي والثقافي بالمستجدات القضائية التي تفسر الواقع على ضوء القانون. ولنا في موضع آخر في هذا الموقع التوقف عند مجمل الاجتهادات الفقهية المكملة للاجتهاد القضائي. فضلا عن ذلك، نروم المساهمة في وضع قاعدة بيانات للطلبة والباحثين والممارسين على السواء كمصدر يرجع إليها في أعمالهم وأبحاثهم. وتيسر على المتقاضين فهم آليات الاجتهاد القضائي وطرق نيل حقوقهم المشروعة.

قضايا إقليمية:  بنك ملي الايراني ضد المجلس الأوروبي:


للضغط على جمهورية إيران الإسلامية لوقف الأنشطة النووية، اتخذ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 23 ديسمبر/كانون الأول 2006 القرار رقم 1737، ويتضمن المرفق قائمة بسلسلة من الأشخاص والكيانات الضالعة في البرنامج النووي والتي كان من المقرر تجميد أموالها ومواردها الاقتصادية. واستكملت القائمة المرفقة بالقرار رقم 1737  فيما بعد بعدة قرارات، بما في ذلك القرار رقم 1747  الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 24 آذار/مارس 2007، الذي تم بموجبه تجميد هذه الأموال.


وفيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، تم تنفيذ القرار 1737  من خلال الموقف المشترك للمجلس 2007/140/CFSP المؤرخ 27 شباط/فبراير 2007 بشأن اتخاذ تدابير تقييدية ضد إيران (OJ L 61، الصفحة 49): وتنص المادة 5-1 من الموقف المشترك 2007/140 على ما يلي:

"جميع الأموال [...] التي تخص الأشخاص والكيانات التالية أسماؤهم وجميع الأموال [...] التي يمتلكها أو يمتلكها أو يسيطر عليها أو يسيطر عليها، يجمد بصورة مباشرة أو غير مباشرة:

أ) الأشخاص والكيانات المذكورة أسماؤهم في مرفق القرار 1737 (2006)، وكذلك الأشخاص والكيانات الأخرى التي عيّنهما مجلس الأمن أو اللجنة عملا بالنقطة 12 من القرار 1737 (2006)؛ وترد قائمة بهؤلاء الأشخاص والكيانات في المرفق الأول؛

ب) الأشخاص والكيانات غير المدرجة في المرفق الأول الذين يشاركون مباشرة في الأنشطة النووية أو التنمية النووية الإيرانية أو تدعمها.

وطبقا للمادة 56 من النظام الأساسي لمحكمة العدل في الاتحاد الأوروبي، تقدم دفاع بنك مللي إيران، ومقره طهران (إيران) في 23 كانون الأول/ديسمبر 2009، بعريضة استئناف(القضية عدد C-548/09 P)، طالب فيها المحكمة بإلغاء حكم محكمة الدرجة الأولى للاتحاد الأوروبي الصادر في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2009. والذي رفضت بموجبه طلبها بإلغاء النقطة 4 من الجدول باء الملحق بقرار المجلس 2008/475/EC المؤرخ في 23 يونيو/حزيران 2008 إعمالا للفقرة الثانية من المادة 7 من اللائحة (EC) رقم 423/2007 بشأن اتخاذ تدابير تقييدية ضد إيران (OJ L 163، الصفحة 29)، فيما يتعلق ببنك ملّي إيران وفروعه.


وتضمنت عريضته الاستئنافية ثلاث حجج رئيسية وثلاث أخرى ثانوية، سنتوقف عند الثلاث الأولى منها، وهي:

-أن محكمة الدرجة الأولى أخطأت في القانون بعدم اعتبار الالتزام بإخطار الفعل المطعون فيه على نحو فردي، كإجراء شكلي جوهري، وأنها خرقت المسطرة القانونية.

- ثانياً، أن المحكمة الابتدائية أخطأت في تفسير الأسس القانونية للقاعدة التنظيمية رقم 423/2007، وأنها أفسدت منطقها بالمنطق غير الصحيح.

- وثالثا، أن المحكمة الابتدائية انتهكت الالتزام بذكر أسباب الأفعال، وكذلك حقوق الدفاع ومبدأ الحماية القضائية الفعالة.

بعد تقديم الاطراف لحججها أدلت  المحكمة باستنتاجاتها قائلة:

1-   بالفعل، إذا كان الإبلاغ لأسباب فردية ومحددة، يمكن أن ينتج أثرا، فيجب نشر المقرر في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، كما هو الحال بالنسبة للفقرة 3 من المادة 15 من اللائحة رقم 423/2007، وفقا للفقرتين 1 و2 من المادة 254 من الاتفاقية الأوروبية، مع مراعاة طبيعته التنظيمية على النحو المبين في الفقرة 45 من هذا الحكم.

2-    حيث أنه درج الاجتهاد القضائي على مستوى المحكمة أن اختيار الأساس القانوني يجب أن يضم عناصر موضوعية محددة بدقة حتى يمكن إعمال الرقابة القضائية عليها بما في ذلك، على وجه الخصوص، غرض ومضمون التصرف أو الفعل الضار (راجع، الحكم الصادر في قضية قاضي والبركات الدولية ضد كل من المجلس واللجنة الأوروبية). وحيث أن المستأنف لم يبن التماسه على المادتين  60 و 301 من الاتحاد الأوروبي، وإنما احتج  على  اللائحة التنظيمية رقم 423/2007. وحيث أنه، لا يمكن للمجلس أن يعتمد أي قانون للاتحاد إلا على أساس السلطات المخولة له بموجب معاهدة الاتحاد الأوروبي، أي المادتان 60 و 301 من الاتحاد الأوروبي. ولذلك فقد رأت محكمة الدرجة الأولى بحق، في الفقرة 47 من الحكم قيد الاستئناف، أن وجود موقف مشترك اعتُمد مسبقا في ميدان الخطة الاستراتيجية الموحدة بشأن السلع، لا يشكل سوى شرط منصوص عليه في المادة 301 من الاتفاقية الأوروبية.

 وفيما يتعلق بالادعاء الذي يدعي إساءة استعمال السلطة، فإن مقدم الطلب لم يبين كيف أن الفقرة 50 من الحكم الذي يجري الاستئناف سيكون خاطئا. ويستنتج من هذه العوامل أن الالتماس الثاني في إطار الاستئناف الرئيسي لا أساس له من الصحة.

3-   لم تخرق محكمة الدرجة الأولى القانون عندما رأت في الفقرتين 84 و85 من الحكم قيد الاستئناف أن بيان الأسباب الوارد في القرار المطعون فيه كاف في ضوء السوابق القضائية المتعلقة بالالتزام بأسباب الدولة. ولاحظت محكمة الدرجة الأولى، بوجه خاص، أن ذلك القرار يشير إلى الأساس القانوني الذي اعتمد عليه، وإلى الأسباب الفردية والمحددة التي دفعت المجلس إلى النظر في أن المستأنف يؤيد الانتشار النووي في إيران. وعند قراءة بيان أسباب القرار المطعون فيه، يجب التأكيد على أن هذه الأدلة كافية لتمكين المستأنف من فهم المسألة قيد النظر وتقييم الأسس الموضوعية لذلك القرار.

وعلى أية حال، أشارت المحكمة في الفقرة 97 من الحكم قيد الاستئناف إلى أنه بناء على طلب الطرف المعني فقط، لا يطلب إلى المجلس أن يتيح الاطلاع على جميع الوثائق الإدارية غير السرية المتعلقة بالتدبير المعني. غير أن مقدم الطلب(البنك الايراني) لا يفسر سبب خطأ محكمة الدرجة الأولى في القانون في هذا الحكم. فضلاً عن ذلك فمن الواضح من النتائج التي توصلت إليها المحكمة الابتدائية في الفقرتين 103 و104 من الحكم المطعون فيه، وليس الطعن في الاستئناف الذي قدمته، أن المحكمة لم تطلب من المجلس الاطلاع على ملف المحكمة.

ويستنتج من هذه العناصر أن السبب الثالث للاستئناف في الاجراءات الرئيسية لا أساس له من الصحة.

بالنسبة للمصاريف:

عملا بالمادة 122 من النظام الداخلي، حيثما يكون الاستئناف بلا أساس، تصدر المحكمة قرارا بشأن المصاريف. وبموجب الفقرة الثانية من المادة 69 من تلك اللائحة المنطبقة على إجراءات الاستئناف بموجب المادة 118 من تلك اللائحة، يُأمر أي طرف يخضع للقيد بدفع الرسوم. وبما أن مقدم الطلب خسر الدعوى، فقد أمر المجلس والجمهورية الفرنسية والمملكة المتحدة واللجنة بأن يدفع البنك  المصاريف.

وعلى هذه الأسس، فإن المحكمة (الغرفة العليا) تصرح وتنطق بما يلي:

1)   رفض الاستئناف.

2)   أمر بنك ملي إيران بدفع المصاريف.











انشر تعليق

أحدث أقدم