عصمت سيف الدولة: عن العروبة والإسلام


استهل الراحل عصمت سيف الدولة كتابه "عن العروبة والإسلام" التساؤل عن جدوى الحديث عن العلاقة بين العروبة والإسلام، في هذه المرحلة التاريخية التي يعاني فيها الشعب العربي داخليا من التجزئة والاستبداد والتخلف، وخارجيا من الاحتلال والتبعية والطغيان. وميز بين طائفتين تتصدران هذه الدعوة؛ تناهض الأولى العروبة بالإسلام في مسعى إلى إقامة نظام إسلامي بدون قومية-عربية. بينما تناهض الثانية الإسلام بالعروبة لحل مشكلة التخلف عبر استنساخ النموذج العلماني(بدأت العلمانية كمذهب ديني في المسيحية واستعير إلى المجال الثقافي لاحقا) الأوروبي. موضحا أن مآل  كلا الدعوتين هو الفشل السحيق.
في المقابل، نبه عصمت إلى أن ما يحتاجه الشعب العربي في هذه الحقبة هو دعوة صادقة إلى ثورة تحرره شعبا ووطنا ليقيم نظام دولته الموحدة إسلاميا(وفق منهج صحيفة المدينة). على اعتبار أن الإسلام كنظام حياة يقيم العلاقات بين الناس انطلاقا من انتمائهم إلى مجتمع واحد بما يحفظ له أمنه ووحدته. ويساوي بين المنتمين إليه بدون المساس بتعدد علاقات الانتماء الملي لأفراده. ومن ثم، يغدوا الانتماء إلى الأمة(مجتمع ذو حضارة متميزة من شعب معين مستقر على أرض خاصة ومشتركة، تكونت نتيجة تطور تاريخي مشترك) العربية التي أوجدها الإسلام، انتماء مجتمعي لا عرقي يتكامل مع الانتماء الملي ولا يناقضه.

وانتهى عصمت إلى أن التناقض الكامن لدى النخب العربية ناجم عن عملتي التخريب والتغريب الفكري اللتان أنشأتا في كل قطر عربي طبقة قومية الانتماء، إقليمية الولاء، مادية الباطن، إسلامية الظاهر، فردية البواعث، جمعية الغايات، رأسمالية النشاط، اجتماعية الأرباح..وهو ما أدى إلى نقض الحضارة العربية، وحال دون بناء شخصية الإنسان العربي. وكرس من ثم، واقع التجزئة والتبعية والاستبداد والتخلف...

عصمت سيف الدولة. عن العروبة والإسلام. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،

انشر تعليق

أحدث أقدم