بئر " أم السعيد " بالنيجر .. وقصة فلسطينية

بقلم كريم حسين

بئر " أم السعيد " بالنيجر .. وقصة فلسطينية .. عربية وأفريقية : نحاول عبر مبادرة #أمة_واحدة أن نحكي عن تاريخ وثقافة شعوب الأمة ، بالأحرى تاريخ التعايش الغير مكتوب المتوارث بين الأجيال ، والذي يمثل " المدركات الجماعية " لشعوبا وقبائل ، لأمة ذات رسالة ممتدة عبر التاريخ .. وبناء التعارف والتضامن والتعاون فيما بين الأمة الواحدة .. تلك المصطلحات عن " المدركات الجماعية " (للشعوب) والتصارط ! (أي رسالية الإنسان) سمعتها من المفكر الفلسطيني د. سعيد الحسن عندما زرت المغرب وهي بلد جميلة بكل المعاني.

 إلا أنني لم أكن أعلم أن تتاح لي فرصة عظيمة للتعرف على الثقافة الحياتية الفلسطينية حينما استضافني د. سعيد في بيته لأيام تعلمت فيها الكثير .. فكلنا يحب فلسطين إلا أن معايشة حياة عائلة فلسطينية كبيرة تعرف أن فلسطين لديها ثقافة خاصة مميزة بديعة تنعكس في الأكل والملبس والترابط العائلي والأسرة الممتدة وقيم الكرم والأصالة والمرح .. تعرفت من د. سعيد على التجربة الكبيرة لوالده "خالد الحسن" من كبار القادة الفلسطينيين التاريخيين مع الرئيس ياسر عرفات عليهما رحمة الله ، إلا أن أكثر شيء تأثرت به من شخصية د. سعيد هو وفائه الشديد لوالده ووالدته " أم السعيد " ، فرأيته ينفعل بشدة على أحد كبار المسؤلين الفلسطينيين في حوار عن اتفاقية أوسلو " وقد فعل هذا بعفوية لأن الحوار كان في بيت والده ، فلا يريد أن يتجاوز أحد رأي والده حتى وان كان متوفيا ..

 ورغم انشغالاته ووجود الناس والأهل من حوله .. كنت أراه كل ليلة يرتب دواء والدته بيده في مشهد انساني فيه كم كبير من المشاعر والقيم الأصيلة المؤثرة .. كنت أتعجب من الأعداد الكبيرة من طلاب المغرب بالجامعة يتكلمون عن المفكرين المصريين ، تحديدا د. حامد ربيع( مؤسس المدرسة الحضارية في العلوم السياسية) ، والأستاذ عصمت سيف الدولة ( المفكر القومي) .. في وقت نادرا ما تراه في مصر .. 

وقد استنتجت أن الفترة التي قضاها د. سعيد في مصر في شبابه وقربه الإنساني خاصة من عصمت سيف الدولة ، جعلته يجتهد لنقل تلك الرؤى لطلابه في المغرب على مدار سنوات .. بشيم وفاء عميقة .. وهذا يؤكد تلك الصورة الذهنية عن مصر كحاضنة تاريخية للعروبة والإسلام ، وأن من يمر عليها بحب يحمل علمها إلى كل مكان ، وأن هذه ليست كلمات عاطفية ولكنها حقيقة ثابتة تجعل من مصر هبة للمصريين .. 

والقناعة الراسخة في نفوس العرب والمسلمين عن الدور القيادي لمصر والمصريين في شتى المجالات .. وهذه الحالة هي التي دفعتني أن أهدي ذلك البئر .. إلى روح تلك المرأة الفلسطينية الأصيلة العظيمة التي رافقت زعيم فلسطيني وأنجبت وغرست قيم الوفاء والجمال في تلك العائلة التي ضمت د. سعيد وأخوته وأبناءهم وأحفادهم .. كامتداد لشعب فلسطيني عربي يحرص على أن يجمعنا دائما لقضية عادلة مهما فرقتنا الجغرافيا والخلافات .. إلى روح المرحومة نهلة الحبال " أم السعيد " كل التحية والحب والدعاء بالرحمة والمغفرة ..

2 تعليقات

إرسال تعليق

أحدث أقدم