مقترح "الحق في إستبدال الداواء" بالمغرب


مقترح "الحق في إستبدال الداواء" بالمغرب

   ما سأتحدث عنه الآن سيصير حتما قضية رأي عام في قادم الأيام..و الامر يستحق ذلك لأنه يمس احدى الدعامات الرئيسية للمواطنة و هي الصحة..بينما الكل منشغل بتداعيات جائحة كوڤيد الصحية و الاقتصادية و الاجتماعية، يأتي الفريق الاستقلالي للوحدة و التعادلية بمجلس النواب ليطرح مشروع تعديل مادة فريدة في مدونة الدواء و الصيدلة تهم الحق في استبدال الادوية...
مقترح "الحق في إستبدال الداواء" بالمغرب
مشروع يأتي كحق أريد به باطل..و هذا ما سأوضحه فيما يلي: 
 - الحق في الاستبدال اي استبدال دواء اصلي (médicament princeps ) بدواء جنيس (médicament générique ) هو حق معمول به في كل دول العالم ذات الانظمة الصحية المدعمة من الدولة و الغرض منه الرئيسي هو تخفيف الضغط على صناديق الرعاية الصحية.  


-هذا الحق مشروط بوجوب وصفة طبية و الامر انه في المغرب اغلبية المجموعات الدوائية تباع دون وصفة..هذا هو الواقع..في بعض الصيدليات يمكن شراء مضادات حيوية، ادوية حموضة معدة ، مضادات هيستامين ، مضادات التهاب بكافة انواعها دون وصفة...حيث يعوض مساعدو الصيادلة الدور المنوط قانونا بالاطباء في التشخيص و وصف الادوية...بما في ذلك من تعريض لصحة المواطنين لخطر تأخر التشخيص و العلاج inertie diagnostique et thérapeutique و خطر سوء استعمال mésusage و التفاعلات بين الادوية interaction médicamenteuse ...هاته الممارسة التي طبع معها المجتمع هي انتهاك صريح لأساسيات الصحة و ممارسة غير مشروعة للطب. -الاستبدال في الدول التي تقننه يتم على أساس التسمية العلمية dénomination commune internationale و لا يقوم به الا دكتور في الصيدلة و ليس مساعد الصيدلي ما يستوجب حضورا اجباريا للصيدلي في صيدليته.


 -الاستبدال يستدعي ايضا وجود اساس لا يمكن بتاتا تطبيقه دون وجوده هو الملف الطبي الالكتروني dossier médical électronique partagé و هو تجميع لكل بيانات المريض في ملف الكتروني تضمنه و تؤطره الدولة و يجمع كل المعطيات الطبية و الادوية و التحاليل و صور الاشعة التي قام بها المريض و هو ما لا يوجد بعد في المغرب.. 



 - الاستبدال يستدعي تعميم التغطية الصحية الاجبارية وأن يكون لكل مواطن طبيب معالج médecin traitant هو مدخله الوحيد لكل الخدمات الصحية.. عدم وجود هاته الشروط يجعل المشروع الاستقلالي غير ذي معنى و لا يخدم الا مصالح لوبيات ستغتني من تطبيقه.. 


 في المغرب، صناعة طبية وطنية من مستوى عالي توفر اغلبية حاجيات السوق الوطنية من الادوية الرئيسية...هاته الصناعة تعاني من ضيق السوق و من منافسة شديدة لان لكل جزيئة مصنعة عدة ادوية جنيسة تتنافس بينها في سوق هي اصلا صغيرة marché atomisé ..


 الى جانب هاته الصناعة، يتم توزيع الادوية عبر قنوات مقننة حيث ان اكثر من 80 فالمئة تباع عن طريق الموزعين les pharmaciens grossistes et répartieurs و هي مهنة منظمة و مقننة..و الباقي يباع مباشرة من المختبرات للصيدليات... الا ان هناك ظاهرة غير صحية تناسلت في السنوات الاخيرة، حيث يستفيد بعض صيادلة الاقاليم الصحراوية من تسهيلات ضريبية و اعفاءات تجعلهم تنافسيا قادرين على شراء كميات كبيرة من الادوية و اعادة بيعها لصيدليات اخرى في مساق غير مقنن و الى جانب هاته الظاهرة توجد ظاهرة les groupements و هي تجمعات غير مقننة informels لعشرات بل مئات الصيدليات للقيام بشراء كميات كبيرة بثمن اقل من المختبرات... 

تطبيق الاستبدال في هاته الظروف لن يخدم الا مصالح هاته اللوبيات القوية المتغلغة في بعض الاحزاب السياسية..و لن يخدم بتاتا لا صحة المواطن و لا العيادات الطبية التي توجد في وضعية هشاشة خطيرة (خاصة الشباب اختصاصيين و عامين) و لا حتى الصيدلي الصغير المغلوب على أمره...حيث ان اكثر من الفين الى 4 الاف صيدلية تتواجد في وضعية افلاس او صعوبات مالية كبيرة... اصلاح القطاع الصحي لا يتم أبدا بخدمة منطق لوبيات المصالح بل بوضع المواطن في المركز في التفكير و القرار.
                                                           نقلا عن د.عثمان بومعليف 
فيما يلي مقترح القانون القاضي بتغيير المادة 29 من القانون رقم 17.04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلية الذي تقدم به الفريق الاستقلالي بمجلس النواب.
مقترح "الحق في إستبدال الداواء" بالمغرب
مقترح "الحق في إستبدال الداواء" بالمغرب
مقترح "الحق في إستبدال الداواء" بالمغرب

انشر تعليق

أحدث أقدم