نظرية المؤامرة في القرن الواحد و العشرون



      ليس واضحاً على نحو جلي بعد إن كان ما أصاب الصين من فيروس كورونا شيئاً مقصوداً وبفعل فاعل أم لا . لستُ من أنصار نظرية المؤامرة، ولو أن توقيت ما حدث يدعو للتفكير والتأمل في الأسباب والخلفيات. لكن بعد أن خرجت الصين عن صمتها، لتأكد رسميا و بالأدلة على نظرية المؤامرة و تتهم الولايات المتحدة الأمريكية بنشرها لفيروس كورونا في ووهان. لكن لماذا نميل إلى ترجيحها بعد محاولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعقد صفقة مع شركة أبحاث ألمانية بمبلغ خيالي من خلال عرض ملايين الدولارات عليهم لاحتكار الدواء أو للحصول على حصرية اللقاح من خلال الاستثمار في الشركة، و هنا نطرح السؤال. هل بدأت أسطورة التقدم العلمي الغربي في التآكل ؟
التصادم الاقتصادي بين الصين و الولايات المتحدة : 

       أولا في ظل كل المؤشرات الحالية تؤكد إلى حد بعيد بداية حرب بيولوجية عالمية، ستكون عواقبها وخيمة على الاقتصاد العالمي، وقد تنهار اقتصاديات دول برمتها. ويشير إلى أن الخسائر تتراوح حتى الٱن بين مائة ومائتي مليار دولار، وأنها في تصاعد مضطرد، وربما تتسبب في نشوب حرب نووية مدمرة، ما لم تتخذ إجراءات حقيقية للحد من هذا الوباء الذي من المرجح افتعاله.

       ثانيا بعيدا عن التداعيات الصحية الخطيرة من تفشى المرض، تبقى هناك العديد من الأبعاد الأخرى، التى لا يمكن غض البصر عنها، خاصة إذا ما نظرنا إلى توقيت انتشاره، والذى يتزامن مع توقيع المرحلة الأولى من الاتفاقية التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بشأن خلافاتهما التى طفت على السطح منذ صعود الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى سدة البيت الأبيض قبل 3 أعوام، على اعتبار أن اختلال الميزان التجارى بين البلدين، من وجهة النظر الأمريكية يرجع فى الأساس إلى تلاعب صينى سواء بعملتها، أو عبر تقديم منتجات مصنوعة بمواد أقل جودة من نظيرتها الأمريكية، وبالتالى يمكن بيعها بأسعار أرخص، وإغراق السوق الأمريكية على حساب المنتج الأمريكى.

    ثالثا يبدو أن أزمة انتشار "كورونا" تحمل فى طياتها منحة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ليحقق المزيد من المكاسب، التى يمكنه من خلالها الترويج لانتصار جديد، يكمن فى نجاحه فى استعادة القوة الأمريكية وهيمنتها سياسيا واقتصاديا، أمام المواطن الأمريكى، ليعلن، قبل انطلاق الانتخابات الأمريكية المقررة فى نوفمبر المقبل، أنه وعد "بجعل أمريكا عظيمة مجددا"، فأوفى فى نهاية المطاف على كافة المستويات. 
ماهي نتيجة هذا الصراع ؟
       يمكننا القول بأن انتشار الفيروس الخطير فى الصين، يعد بمثابة مرحلة حاسمة فى الصراع الأمريكى الصينى، حيث أنه يقدم نقاط إضافية لواشنطن فى صراعها التجارى مع بكين، من خلال مزيد من الإجراءات الأمريكية المتوقعة تجاه كل ما هو قادم من الصين، سواء من الأشخاص أو المنتجات، بذريعة الخوف من تفشى المرض بين المواطنين الأمريكيين، وبالتالى التنصل من التزامات واشنطن رغم التوصل إلى اتفاق مبدئى، يفتح الباب أمام جولة جديدة من المفاوضات بين الجانبين.
    ولعل الحديث عن الجولة الجديدة من المفاوضات بين واشنطن وبكين، يمثل مخاوف كبيرة للعديد من المتابعين، فى ظل توقعات كبيرة تدور فى معظمها حول صعوبتها، نظرا لكثرة القضايا الخلافية، خاصة فيما يتعلق بمسألة القيمة الحقيقية للعملة الصينية (اليوان)، حيث أن الولايات المتحدة تتهم الحكومة الصينية بالتلاعب فى قيمة عملتها، والاحتفاظ بها فى قيمة أقل من قيمتها الحقيقية، مما يمكنها من غزو الأسواق العالمية، وفى القلب السوق الأمريكى، وبالتالى يبقى الفيروس القاتل فرصة أمريكية لفرض مزيد من الضغوط خلال التفاوض مع المسئولين الصينيين لإجبارهم على تقديم المزيد من التنازلات.




انشر تعليق

أحدث أقدم